|
|
مناسبة القصيدة :
الساع انية الحوادث ما حوت
|
اللزومية السابعة والعشرون حسب شروح لزوم ما لا يلزم :(بحر الكامل) عدد الأبيات (6)
الساعات آنية الحوادث: (1)
الهمزة المكسورة مع الطاء : (2)
ويستوقفنا في نشرة د. طه حسين والأبياري أنهما ينقلان كلام البطليوسي من غير أن ينسباه إليه في كل اللزوميات التي شرحها.
وهي القطعة السابعة والعشرون حسب ما أورده الدكتور طه حسين في كتابه "صوت أبي العلاء" ص74 وهو كتاب يتضمن شرح خمسين لزومية، نشرت لأول مرة عام ١٩٤٤ : منها ٣٦ لزومية مما قافيته همزة والباقي من قافية الباء وكل ذلك أدرج ضمن نشرته لشرح اللزوميات لاحقا عام ١٩٥٥م، وقال في شرحه للزومية:
إنما الزمان إناءٌ مفعمٌ بالحوادث، مملوء بالعبر والمواعظ، مُحَجَّبٌ لا ترى ما فيه العيونُ، ولا تبلغه الظنونُ، حتى يزيح سِترَه، ويبيح سرَّه.
وهو متصلُ الحركة متشابهُ الأجزاء، ليس بين ساعاته تباينٌ، ولا بين آنائه اختلافٌ.
فما أُشَبِّهُهُ في ذلك إلا بالقصيدة الجيدة من الشعر قد استقامت للشاعر قوافيها وانقاد له رويها، فلم يجنح إلى إيطاء، ولم يُضطرَّ إلى إكفاء.
وهو معتدلُ السير، ليس له استقرار، وليس يوصف بسرعة ولا بطء، وليس يملك إنسانٌ رياضتَه، ولا يستطيع أحد أن يحمله على أن يمضي حثيثًا أو متريثًا.
ذلك شأنُ الزمان، وهذه صفاتُه، كلها لازمةٌ لطبعه، ملائمةٌ لمزاجه، ليس لأحد أن يغيِّر فيها أو يبدل منها.
فأما المكان فأحقُّه أن يأنس إليه العاقل ويرغب فيه الحكيم، تلك الصحراء المقفرة والبيداء الموحشة، يأنسُ فيها الدليلُ في ظلمة الليل إلى القطاة، وفي ضوء النهار إلى لمعان الآل.
هذه الفلاة الموحشة الغامرة آنسُ من المدينة الآهلة العامرة؛ تلك يخلو فيها الحكيم إلى نفسه مغتبطاً بخيرها مصلحاً لشرها، لا يسمع فيها أذاة ولا لغواً، ولا يرى فيها منكراً ولا عيباً.
وهذه يقيم فيها العاقل على أشد النارين حرّاً وأعظمها شرّاً: فإما أن يشهد مصرع الحق ومقتل الفضيلة بين يدي الباطل والرذيلة، ويظل معقودَ اللسان، مضطربَ الجنان؛ رغبةً في رضا الجمهور ورهبةً من غضبه.
وإما أن ينصر الحق المغلوب، ويؤيد الفضيلة المقهورة،
فيلقى ما شاء الجهل من أذاة، ويقاسي ما أحب الغي من ألم، دون أن يظفر بحاجة أو يصل إلى غاية.
في هذا الزمان تعيش، وفي هذه المدينة تحيا، ليس لك من هذا بدٌّ.
مكان قَلِقٌ، وزمان نَزِقٌ، ولكنه صائب الرمية، لا يطيش سهمه، ولا يخطئ نصله.
فإن كان في هذه الحياة ما يسرُّ من مواهب تُعْلِي القدر وتُبعد الصيت، فما أحسب هذا إلا غروراً بالباطل وافتتاناً بالزور؛
فإن تلك المواهب عارية مردودة ودينٌ لا بد أن يُقضى.
ولن يسترد منك هذه العارية، ولا يتقاضى منك هذا الدين إلا الموت.
وحسبك بالموت موقظًا للنائم، ومنبهاً للغافل.
*
أما عن شهرة أبيات هذه اللزومية فلم نقف على ذكر لبيت من أبياتها فيما رجعنا إليه من المصادر.
(1)حرف الهمزة_ الهمزة المكسورة مع الطاء: ص 64شرح نَديم عَدِي_ ج1/دار طلاس للدراسات/ط2.
(2)فصل الهمزة_ الهمزة المكسورة مع الطاء: ص 175تأليف الدكتور طه حسين، إبراهيم الأبياري ج1/دار المعارف بمصر.
***
وكان راعي هذا الموقع معالي محمد أحمد السويدي قد بعث إلينا بعد مضي شوط من عملنا بنسخة يقول في التعليق عليها: (أهم ما وصلنا من نسخ اللزوميات) فلما اطلعنا عليها رأيناها كما قال، إذ كنا نقف فيها على عين الصواب في كل مرة نتفاجأ فيها باضطراب أو غموض أو تعرض البيت للتحريف والتصحيف، بحيث يحق لنا أن نقول: إن لزوميات أبي العلاء ولدت من جديد باعتماد نسخة ابن قضيب البان. وهي نسخة لا يعرف كاتبها وتعرف بنسخة ابن قضيب البان لأنها كتبت له بأمره كما جاء في ختامها:
كتبت هذه النسخة برسم المولى الأجل الأفضل الأكمل مولانا وسيدنا السيد الحسيب النسيب السيد محمد أفندي الحجازي… وكان الفراغ من نساخته ضحوة نهار الخميس المبارك لستٍّ بقين من شعبان لسنة ثلاث وأربعين وألف من الهجرة النبوية عليه من الله أفضل التحية.
ومحمد افندي حجازي المذكور هو محمد حجازي بن عبد القادر بن محمد الشهير بابن قضيب البان نقيب أشراف حلب ومولده كما يقول المحبي في "خلاصة الأثر"
بمكة المكرمة سنة إحدى بعد الألف وتوفي بحلب في صفر سنة تسع وستين وألف وقد ترجم المحبي أيضا لابنه عبد الله صاحب (حل العقال-ط) المقتول في غضب الناس عليه يوم الأربعاء 27 ذي الحجة سنة 1096هـ وكان أجل من أبيه قدرا وأوسع شهرة. وله ترجمة في أعلام الزركلي ولم يترجم لأبيه صاحب النسخة.
|
|
|